الخميس، 27 يناير 2011

العدل أساس الحكم


 
حدث ذلك في مرسيليا في عهد كانت تسيطر عليها فيه عدة عصابات

استطاعت بالرشوة والفساد الاداري أن تمتلك كل شي ... حتى الشرطة والقضاء ... و حتى القانون

في ذلك العصر - في ثلاثينيات القرن العشرين- قام أحد زعـماء هذه العصابات

بقـتـل أحد خصومه .. فألقي القبض عليه

وعندما جاء شاهد الإدانة الوحيد... ليقف أمام القاضي

الذي حصل في المساء فقط

على رشوة ضخمة لتبرئة زعيم العصابة

سأل القاضي الشاهد في صرامة :

ماذا حدث بالضبط ؟

أجابه الشاهد في هدوء واثق :

كنت اجلس في مخزن المتجر في الساعة الثانية بعد منتصف الليل والسيد (فيران)  

صاحب المتجر في الخارج .. ثم سمعت طلقا ناريا وعندما هرعـت من المخزن إلى

المتجر وجدت السيد (فيران) جثة هامدة والدماء تنزف من ثقب بين عينيه الجامدتين

الجاحظتين والسيد ( ديبوا)يقف أمامه ومسدسه في قبضته والدخان يتصاعد من فوهته

ولم يكن هناك سواه

سأله القاضي في صرامة مخيفة :

هل رأيته وهو يطلق النار على رئيسك؟؟

أجابه الشاهد في بساطه :

كلا ولكن مظهره يؤكد انه هو الفاعل فلم يكد يراني حتى رمقني بنظره قاسيه ودس

المسدس في جيبه وغادر المكان في هدوء وهو يتصور أنى لن أجرؤ على إدانته

والشهادة ضده .

عاد القاضي يسأله في صرامة :

هل رأيته يطلق النار ؟؟؟؟

أجابه الشاهد في حيره :

بل سمعت صوت الطلق الناري ،

و ...

قاطعه القاضي المرتشي في حزم :

هذا لا يعد دليلا كافيا .

ثم ضرب مائدته بمطرقته الخشبية مستطردا في صرامة :

فلينصرف الشاهد

احتقن وجه الشاهد في غضب ونهض من مقعـد الشهادة وأدار ظهره للقاضي وهتف بصوت

مرتفع :

يالك من قاضي غـبي وأحمق وتشبه الخـنازيـر في عـقـلـك ومظهرك

صااااااح

القاضي في مزيج من الغضب والذهول والاستنكار :

كيف تجرؤ على إهانة هيئه المحكمة أيها الرجل ؟؟ !!!!  

أنني أحكم عليك بـ ...

استدار إليه الشاهد وقاطعة بغتة :

هل رأيتني أشتمك يا سيدي ؟

صاح القاضي في غضب :

لقد سمعتك وسمعك الجميع و .....


قاطعه الشاهد مبتسما في خبث :

هذا ليس دليلا كافيا يا سيدي






تذكرت هذه لقصه التي قرأتها في أحد المواقع او الكتب ( لا أذكر ) عندما دار نقاش بيننا في القسم ( هالايام فاضيات المعلمات بعد انتهاء الاختبارات والتصحيح  فلابد من النقاش بكل الموضوعات)
كن نقاشنا حول سؤال طرحته احدى الزميلات وهو :
اذا اردنا منكِ اختيار قيمه تربويه واحده فقط تمثلكٍ / فماذا تختارين ؟؟
كانت الاجابات بين .. الامانه / الصدق / السلام .. الخ
عندما جاء دوري قلت وبدون تردد ( العدل )
لقناعتي التامه ان عندما يسود العدل فلابد أن تظهر وتسود كل القيم والفضائل ... بالعربي انا انسانه يمثل لي العدل هو المستوى الاعلى من بين كل القيم

وأذكر يوم أن كنت طالبة في الكلية أن أحد أساتذتي قال لي ولزملائي في المحاضرة:
إن الاتحاد السوفيتي سقط وتفكك بسرعه بسبب تفشي الفساد القضائي وعدم وجود عداله فعليه وان اي دوله يتفشى فيها الفساد القضائي فمصيرها الزوال السريع إن هذه الدولة لا تطبق العدالة بين رعاياها وإن أنظمتها لا تتوافق مع طبيعة البشر وهذا ما عجل بزوالها على عكس أنظمة أمريكا التي تعطي العدالة جانباً مهماً في قوانينها.. ولعل المحاكمة الشهيرة للرئيس "كلينتون" تؤيد ما ذهب إليه ذلك الأستاذ، بل ولعل ما يفعله كل أمريكي من حرصه الشديد على فعل كل ما ينفع بلده عندما يكون خارجه وبدون تكليف من أحد دليل آخر على حب الأمريكان لبلدهم، ولو سئل أحدهم عن سر إخلاصه لبلده لقال لك إن العدل الذي يجده في بلده هو الدافع وراء كل ما يفعله. ولنا أن نقارن بين فعل الأمريكان وفعل بعض المواطنين العرب لنعرف السبب في البون الشاسع بين الموقفين.

وإسرائيل تمارس هي الأخرى العدل مع رعاياها - فقط - وهذا في اعتقادي سر تفوقها على العرب، لأن العدل يقضي على الظلم ويوحد الناس جميعاً مع حكامهم، ولعلنا لم ننس بعد محاكمة رئيس الدولة على تحرشاته الجنسية وإيقافه عن عمله، وكذلك محاكمة رئيس وزرائها وبعض قادة الجيش على تقصيرهم في الحرب الأخيرة ضد لبنان.

عدالة إسرائيل جعلتها تستخف بكل دول المنطقة لأنها تعرف حجم الفساد الذي يدور في هذه المنطقة وتعرف أيضاً أن المواطنة الحقة لا تكاد تظهر بين أبنائها ولهذا فالبعض يواليها والبعض يوالي غيرها على حساب بلاده. ولو كان هناك عدل لما حصل شيء من هذا على الإطلاق.

القوانين وحدها لا تحقق العدالة بين الناس، فهذه القوانين موجودة في كل الدول، وانظر إلى بعض دول أفريقيا أو آسيا وانظر إلى قوانينها وإلى كيفية تطبيق هذه القوانين وستعرف سبب ضعفها وفقر أهلها وتخلفهم الشديد.

نريد مع القانون أن يطبقه كل مسؤول عربي على نفسه أولاً ليفعل ذلك من بعده كل المسؤولين في بلده وبدون ذلك سيصبح كل قانون لا يساوي الحبر الذي كتب به، وسيبقى التخلف أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه ما دام العدل غائباً والظلم حاضراً.

العدل مطلوب في كل شيء، في التعليم والصحة وتقسيم المناصب وفي كل شيء ومع كل المواطنين، وهذا النوع من العدل هو الذي يحمي الدول ويبقيها ويطيل أمده


فيا من يتحمل المسؤولية باي قطاع وباي مكان بالشركة بالبيت بالشغل باي مكان وفي اي زمان هل حكمت وعدلت وهل نمت وضميرك مرتاح ؟؟ وهل ما جورت في يوم على احد ولا بخست احدا حقه فالحذر كل الحذر من الظلم  وتذكر دائما ان الظلم ظلمات يوم القيامه.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق